كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قوله تعالى: {إلى المرافق} قيل إلى بمعنى مع كقوله: {ويزدكم قوة إلى قوتكم} وليس هذا المختار، والصحيح أنها على بابها وأنها لانتهاء الغاية، وإنما وجب غسل المرافق بالسنة وليس بينهما تناقض، لأن إلى تدل على انتهاء الفعل، ولا يتعرض بنفى المحدود إليه ولا بإثباته، ألا ترى أنك إذا قلت: سرت إلى الكوفة، فغير ممتنع أن تكون بلغت أول حدودها ولم تدخلها وأن تكون دخلتها، فلو قام الدليل على أنك دخلتها لم يكن مناقضا لقولك: سرت إلى الكوفة، فعلى هذا تكون إلى متعلقة باغسلوا، ويجوز أن تكون في موضع الحال وتتعلق بمحذوف، والتقدير: وأيديكم مضافة إلى المرافق {برءوسكم} الباء زائدة، وقال من لا خبرة له بالعربية: الباء في مثل هذا للتبعيض، وليس بشيء يعرفه أهل النحو، ووجه دخولها أنها تدل على إلصاق المسح بالرأس {وأرجلكم} يقرأ بالنصب وفيه وجهان: أحدهما هو معطوف على الوجوه والايدى: أي فاغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم، وذلك جائز في العربية بلا خلاف، والسنة الدلالة على وجوب غسل الرجلين تقوى ذلك.
والثانى أنه معطوف على موضع برءوسكم، والأول أقوى لأن العطف على اللفظ أقوى من العطف على الموضع.
ويقرأ في الشذوذ بالرفع على الابتداء: أي وأرجلكم مغسولة أو كذلك.
ويقرأ بالجر وهو مشهور أيضا كشهرة النصب.
وفيها وجهان: أحدهما أنها معطوفة على الرؤوس في الإعراب والحكم مختلف، فالرءوس ممسوحة والأرجل مغسولة، وهو الإعراب الذي يقال هو على الجوار، وليس بممتنع أن يقع في القرآن لكثرته، فقد جاء في القرآن والشعر، فمن القرآن قوله تعالى: {وحور عين} على قراءة من جر، وهو معطوف على قوله: {بأكواب وأباريق} والمعنى مختلف، إذ ليس المعنى يطوف عليهم ولدان مخلدون بحور عين، قال الشاعر وهو النابغة:
لم يبق إلا أسير غير منفلت ** أو موثق في حبال القد مجنوب

والقول في مجرورة والجوار مشهور عندهم في الإعراب، وقلب الحروف ببعضها إلى بعض والتأنيث وغير ذلك.
فمن الإعراب ما ذكرنا في العطف، ومن الصفات قوله: {عذاب يوم محيط} واليوم ليس بمحيط، وإنما المحيط العذاب، وكذلك قوله: {في يوم عاصف} واليوم ليس بعاصف وإنما العاصف الريح، ومن قلب الحروف قوله على الصلاة والسلام «ارجعن مأزورات غير مأجورات» والأصل موزورات ولكن أريد التآخى، وكذلك قولهم: إنه لا يأتينا بالغدايا والعشايا.
ومن التأنيث قوله: {فله عشر أمثالها} فحذفت التاء من عشر وهى مضافة إلى الأمثال وهى مذكرة، ولكن لما جاورت الأمثال الضمير المؤنث أجرى عليها حكمه، وكذلك قول الشاعر:
لما أتى خبر الزبير تضعضعت ** سور المدينة والجبال الخشع

وقولهم: ذهبت بعض أصابعه.
ومما راعت العرب فيه الجوار قولهم: قامت هند، فلم يجيزوا حذف التاء إذا لم يفصل بينهما، فإن فصلوا بينهما أجازوا حذفها، ولا فرق بينهما إلا المجاورة وعدم المجاورة، ومن ذلك قولهم: قام زيد وعمرا كلمته استحسنوا النصب بفعل محذوف لمجاورة الجملة اسما قد عمل فيه الفعل، ومن ذلك قلبهم الواو المجاورة للطرف همزة في قولهم أوائل، كما لو وقعت طرفا، وكذلك إذا بعدت عن الطرف لا تقلب طواويس، وهذا موضع يحتمل أن يكتب فيه أوراق من الشواهد، وقد جعل النحويون له بابا ورتبوا عليه مسائل ثم أصلوه بقولهم: جحر ضب خرب، حتى اختلفوا في جواز جر التثنية والجمع، فأجاز الإتباع فيهما جماعة من حذاقهم قياسا على المفرد المسموع، ولو كان لا وجه في القياس بحال لاقتصروا فيه على المسموع فقط، ويؤيد ما ذكرناه أن الجر في الآية قد أجيز غيره، وهو النصب والرفع، والرفع والنصب غير قاطعين ولاظاهرين على أن حكم الرجلين المسح، وكذلك الجر يجب أن يكون كالنصب والرفع في الحكم دون الإعراب.
والوجه الثاني أن يكون جر الأرجل بجار محذوف تقديره: وافعلوا بأرجلكم غسلا وحذف الجار وإبقاء الجر جائز، قال الشاعر:
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة ** ولا ناعب إلا ببين غرابها

وقال زهير:
بدا لى أنى لست مدرك ما مضى ** ولا سابق شيئا إذا كان جائيا

فجر بتقدير الباء وليس بموضع ضرورة، وقد أفردت لهذه المسألة كتابا {إلى الكعبين} مثل إلى المرافق.
وفيه دليل على وجوب غسل الرجلين لأن الممسوح ليس بمحدود، والتحديد في المغسول الذي أريد بعضه وهو قوله: {وأيديكم إلى المرافق} ولم يحدد الوجه لأن المراد جميعه {وأيديكم منه} منه في موضع نصب بامسحوا {ليجعل} اللام غير زائدة، ومفعول يريد محذوف تقديره: ما يريد الله الرخصة في التيمم ليجعل عليكم حرجا، وقيل اللام زائدة وهذا ضعيف لأن أن غير ملفوظ بها، وإنما يصح أن يكون الفعل مفعولا ليريد بأن، ومثله {ولكن يريد ليطهركم} أي يريد ذلك ليطهركم {عليكم} يتعلق بيتم، ويجوز أن يتعلق بالنعمة، ويجوز أن يكون حالا من النعمة.
قوله تعالى: {إذ} ظرف لواثقكم، ويجوز أن يكون حالا من الهاء المجرورة، وأن يكون حالا من الميثاق.
قوله تعالى: {شهداء بالقسط} مثل قوله تعالى: {شهداء لله} وقد ذكرناه في النساء {هو أقرب} هو ضمير العدل، وقد دل عليه اعدلوا، وأقرب للتقوى قد ذكر في البقرة.
قوله تعالى: {وعد الله} وعد يتعدى إلى مفعولين يجوز الاقتصار على أحدهما والمفعول الأول هنا {الذين آمنوا} والثانى محذوف استغنى عنه بالجملة التي هي قوله: {لهم مغفرة} ولا موضع لها من الإعراب، لأن وعد لا يعلق عن العمل كما تعلق ظننت وأخواتها.
قوله تعالى: {نعمت الله عليكم} يتعلق بنعمة.
ويجوز أن يكون حالا منها فيتعلق بمحذوف، و{إذ} ظرف للنعمة أيضا، وإذا جعلت عليكم حالا جاز أن يعمل في إذ {أن يبسطوا} أي بأن يبسطوا، وقد ذكرنا الخلاف في موضعه.
قوله تعالى: {منهم اثنى عشر} يجوز أن يتعلق منهم ببعثنا، وأن يكون صفة لاثنى عشر تقدمت فصارت حالا {وعزرتموهم} يقرأ بالتشديد والتخفيف والمعنى واحد {قرضا} يجوز أن يكون مصدرا محذوف الزوائد، والعامل فيه أقرضتم: أي إقراضا.
ويجوز أن يكون القرض بمعنى المقرض فيكون مفعولا به {لأكفرن} جواب الشرط {فمن كفر بعد ذلك منكم} في موضع الحال من الضمير في لاكفرن، و{سواء السبيل} قد ذكر في البقرة.
قوله تعالى: {فيما نقضهم} الباء تتعلق ب {لعناهم} ولو تقدم الفعل لدخلت الفاء عليه، وما زائدة أو بمعنى شئ، وقد ذكر في النساء {وجعلنا} يتعدى إلى مفعولين بمعنى صيرنا و{قاسية} المفعول الثاني وياؤه واو في الأصل، لأنه من القسوة، ويقرأ {قسية} على فعيلة، قلبت الواو ياء وأدغمت فيها ياء فعيل وفعيلة في لعناهم، وأن يكون حالا من الضمير في قاسية، ولا يجوز أن يكون حالا من هنا للمبالغة بمعنى فاعلة {يحرفون} مستأنف، ويجوز أن يكون حالا من المفعول في لعناهم، وأن يكون حالا من الضمير في قاسية ولا يجوز أن يكون حالا من القلوب، لأن الضمير في يحرفون لا يرجع إلى القلوب، ويضعف أن يجعل حالا من الهاء والميم في قلوبهم {عن مواضعه} قد ذكر في النساء {على خائنة} أي على طائفة خائنة، ويجوز أن تكون فاعلة هنا مصدرا كالعاقبة والعافية، و{منهم} صفة لخائنة، ويقرأ {خيانة} وهى مصدر والياء منقلبة عن واو لقولهم يخون، وفلان أخون من فلان، وهو خوان {إلا قليلا منهم} استثناء من خائنة، ولو قرئ بالجر على البدل لكان مستقيما.
قوله تعالى: {ومن الذين قالوا} من تتعلق بأخذنا تقديره: وأخدنا من الذين قالوا إنا نصارى ميثاقهم، والكلام معطوف على قوله: {ولقد أخذ الله ميثاق بنى إسرائيل} والتقدير: وأخذنا من الذين قالوا إنا نصارى ميثاقهم، ولا يجوز أن يكون التقدير: وأخذنا ميثاقهم، من الذين قالوا إنا نصارى لأن فيه إضمار قبل الذكر لفظا وتقديرا، والياء في {وأغرينا} من واو، واشتقاقه من الغراء: وهو الذي يلصق به، ويقال سهم مغرو، و{بينهم} ظرف لأغرينا أو حال من {العداوة} ولا يكون ظرفا للعداوة، لأن المصدر لا يعمل فيما قبله {إلى يوم القيامة} يتعلق بأغرينا أو بالبغضاء أو بالعداوة: أي تباغضوا إلى يوم القيامة.
قوله تعالى: {يبين لكم} حال من رسولنا، و{من الكتاب} حال من الهاء محذوفة في يخفون {قد جاءكم} لا موضع له {من الله} يتعلق بجاءكم أو حال من نور.
قوله تعالى: {يهدى به الله} يجوز أن يكون حالا من رسولنا بدلا من يبين، وأن يكون حالا من الضمير في يبين، ويجوز أن يكون صفة لنور أو لكتاب، والهاء في به تعود على من جعل يهدى حالا منه أو صفة له فلذلك أفرد، و{من} بمعنى الذي أو نكرة موصوفة، و{سبل السلام} المفعول الثاني ليهدى، ويجوز أن يكون بدلا من رضوانه، والرضوان بكسر الراء وضمها لغتان، وقد قرئ بهما، وسبلى بضم الباء والتسكين لغة وقد قرئ به {بإذنه} أي بسبب أمره المنزل على رسوله.
قوله تعالى: {فمن يملك} أي قل لهم، ومن استفهام تقرير، و{من الله} يجوز أن يكون حالا متعلقا بيملك، وأن يكون حالا من و{شيئا} و{جميعا} حال من المسيح وأمه ومن في الأرض، ويجوز أن يكون حالا من من وحدها، ومن هاهنا عام سبقه خاص من جنسه، وهو المسيح وأمه {يخلق} مستأنف.
قوله تعالى: {قل فلم يعذبكم} أي قل لهم {بل أنتم} رد لقولهم {نحن أبناء الله} وهو محكى بقل.
قوله تعالى: {على فترة} في موضع الحال من الضمير في يبين، ويجوز أن يكون حالا من الضمير المجرور في لكم، و{من الرسل} نعت لفترة {أن تقولوا} أي مخافة أن تقولوا {ولا نذير} معطوف على لفظ بشير، ويجوز في الكلام الرفع على موضع من بشير.
قوله تعالى: {نعمت الله عليكم إذ جعل} هو مثل قوله: {نعمة الله عليكم إذ هم قوم} وقد ذكر.
قوله تعالى: {على أدباركم} حال من الفاعل في ترتدوا {فتنقلبوا} يجوز أن يكون مجزوما عطفا على ترتدوا، وأن يكون منصوبا على جواب النهى.
قوله تعالى: {فإنا داخلون} أي داخلوها، فحذف المفعول لدلالة الكلام عليه.
قوله تعالى: {من الذين يخافون} في موضع رفع صفة لرجلين، ويخافون صلة الذين والواو العائد.
ويقرأ بضم الياء على ما لم يسم فاعله.
وله معنيان: أحدهما هو من قولك، خيف الرجل: أي خوف، والثانى أن يكون المعنى يخافهم غيرهم كقولك: فلان مخوف: أي يخافه الناس {أنعم الله} صفة أخرى لرجلين، ويجوز أن يكون حالا، وقد معه مقدرة، وصاحب الحال رجلان أو الضمير في الذين.
قوله تعالى: {ما داموا} هو بدل من أبدا، لأن ما مصدرية تنوب عن الزمان، وهو بدل بعض، و{هاهنا} ظرف ل {قاعدون} والاسم هنا وها للتنبيه مثل التي في قولك هذا وهؤلاء.
قوله تعالى: {وأخى} في موضعه وجهان: أحدهما نصب عطفا على نفسي أو على اسم إن، والثانى رفع عطفا على الضمير في أملك: أي ولا يملك أخى إلا نفسه، ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر محذوف، أي وأخى كذلك {وبين القوم الفاسقين} الأصل أن لا تكرر بين، وقد تكرر توكيدا كقولك: المال بين زيد وبين عمرو، وكررت هنا لئلا يعطف على الضمير من غير إعادة الجار.
قوله تعالى: {أربعين سنة} ظرف لمحرمة، فالتحريم على هذا مقدر، و{يتيهون} حال من الضمير المجرور، وقيل هي ظرف ليتيهون، فالتحريم على هذا غير مؤقت {فلا تأس} ألف تأسا بدل من واو، لأنه من الأسى الذي هو الحزن، وتثنيته أسوان، ولا حجة في أسيت عليه لانكسار السين، ويقال: رجل أسوان بالواو، وقيل هي من الياء يقال: رجل أسيان أيضا.
قوله تعالى: {نبأ ابني آدم} الهمزة في ابني همزة وصل كما هي في الواحد، فأما همزة أبناء في الجمع فهمزة قطع لأنها حادثة للجمع {إذ قربا} ظرف لنبأ أو حال منه، ولا يكون ظرفا لاتل.